جيلنا هو الجيل إللي إتعرض لمشكلة الكمبيوتر (Y2K) سنة 2000، و لإنفلونزا الطيور و الخنازير (2004 - 2010)، و للأزمة الإقتصادية (2008). جيلنا هو الجيل إللي طلع لقى فلسطين محتلة و إسرائيل راكبة و مدلدلة رجليها و السادات لاطع على قفا كل واحد فينا ختم معاهدة السلام جنب ختم الإنفتاح و العولمة و ختم قانون الطوارىء. جيلنا هو الجيل إللي لقى نفسه مطالب بإعادة الإستخدام (Recycling) قبل حتى ما يلحق يستهلك حاجة. و مطالب بمواجهة التلوث و الإحتباس الحراري و حروب المياه. جيلنا هو الجيل إللي كل واحد فيه، و برغم إختلاف ظروفه، على يقين تام إنه حياة أفضل يعني مكان تاني لأنه "البلد دي مش أحسن من غيرها"، فحياة أفضل يعني مكان تاني.. و لو مكاننا، فالحياة الأفضل كانت في زمن تاني. و لما جينا نروح المكان التاني لقينا حروب على الإسلام و على العرب في دول فاكرانة رايحين لها علشان سواد عيونها، مش علشان هي سودت عيشتنا في بلادنا بدعم الديكتاتورية و الفساد.
الجيل ده أخيرًا حصلت له حاجة حلوة. حاجة إديتله الفرصة يعبر عن نفسه، و بلسانه. حاجة إسمها ‘Social Media’.
أخيرًا طلع لنا صوت! لقينا وسيلة بتجمعنا و بتسمعنا صوت بعض. و بتخلينا نحس بقوتنا.
قدرنا نقول ’لأ‘ و ’مش عاجبني‘ و ’غلط‘ و إحنا واثقين إننا مسموعين:
مصطفى مراد قال لأ و مش عاجبني و غلط لفودافون.
موقع ’أنت شاهد‘ قال لأ و مش عاجبني و غلط للإنتخابات.
غادة هي صاحبة بلوج و كتاب و مسلسل ’عايزة أتجوز‘. صيدلانية زهقت من تحمل وضع هي مالهاش أي يد فيه، و من طريقة تعامل و نظرة المجتمع ليها و للبنت إللي بيتأخر جوازها عمومًا. حاولت من خلال البلوج بتاعها توصيل صوتها لينا و التعبير عن رأيها. البلوج قراه أكتر من نص ميليون، و الكتاب إترجم إنجليزي و ألماني و إيطالي و للغات أخرى، و بقى في قائمة الأكثر مبيعًا في أكتر من دار للنشر. ده غير طبعًا المسلسل الرمضاني و إللي ماعجبنيش أنا شخصيًا لكن تحسب له نسبة المشاهدة الكبيرة و وصوله للفئة إللي مابتقراش.
ببساطة هدف غادة هو مواجهة أفكار غلط في مجتمعنا. زي فكرة تحميل البنت مسؤولية تأخر جوازها و الضغط عليها و حصر دورها في إنها تكون عروسة و بس، و لحد ما تلاقي العريس فمش مهم أي حاجة تانية و مش متوقع منها أكتر من الإنتظار. لكن هي فكرتها إنه ده غلط، و إنها لو ماحصلش إنها إتجوزت، فهي هاتفضل قادرة إنها تعمل ميليون حاجة تنفع بيها المجتمع ده:
بعد ما النسبة زادت و بقى عدد إللي لسه قاعدين بالملايين، لازم كل البنات يحبوا نفسهم و يدوروا على النجاح في كل الأماكن و يعيشوا حياتهم على إنها حياتهم مش على أساس إنها تتر لمسلسل لسه مابتداش
و أنا من هنا بقولها: لو ماحصلش.. لو ماتجوزتش و ماجبتش عيال و ماقدرتش أتبع خطة المجتمع.. أنا برضه ليا شخصيتي و حياتي و مش هابقى أبدًا.. صفر على الشمال
أفتكر إنه رسالتها وصلت. مش بس بإنها صححت المفاهيم عند ناس كتير، لكن بإنها كمان خففت من حساسية الموضوع و فتحت الباب لمناقشته و ده في حد ذاته شيء كويس و ممكن يؤدي في الآخر إلى إيجاد الحل.
رأيي سريعًا في الكتاب (لأني عاوز التركيز يبقى على الفكرة نفسها، فكرة تأثير الـ ‘Social Media’ في مجتمعنا) هو كالآتي:
• غادة عبد العال بإسلوبها و لغتها بتعرف توصَل أفكارها ببساطة للقاريء.
• أنا مش عارف إن كانت أسماء الشخصيات في الكتاب صحيحة ولا لأ، لكن عجبتني فكرة أصلًا ذكر الأسماء في القصص المختلفة للعرسان. و أفتكر دي برضه حاجة بتتميز بيها طريقتنا الجديدة في التعبير و إللي وفرتها لنا الـ ‘Social Media’. فكرة إنه أنا هاقول إللي عاوز أقوله، بأسماء الناس ولا الأماكن ولا الشركات الحقيقية ما دام مابكدبش. و كل واحد يتحمل مسؤولية أفعاله، و يتحمل إللي ممكن يجرى لإسمه بسبب أفعاله دي. ليه مانشوفش ده على إنه بيفيده مش بيضره؟ يعني لو كل واحد بيعمل حاجة غلط، عرف قبل مايعملها إنه هو بإسمه و بصورته و صوته هايكون بيتفرج عليه 4.5 ميليون بني آدم (عدد المصريين على الفيس بوك فقط) بعد دقايق من غلطته دي، مش هايفكر مرتين قبل مايعملها؟
• عجبتني طبعًا فكرة إنه الإنسان لازم يتعامل كإنسان قبل أي حاجة و قبل ما يبقى تابع لأي مجموعة؛ مجموعة المتجوزين ولا العمال و لا العرب و لا غيرهم. و إن غادة مؤمنة بدورها كإنسان ربنا خلقه في الدنيا لهدف محدد، و بإنها كفرد عارفة الوسائل المتعددة إللي تقدر توصل بيها للهدف ده، و إنه ربنا ليه حكمة في الصفات و الظروف الخاصة بكل واحد فينا.
• من ناحية تانية بقى، الكتاب بيفتقر بشدة للجدية، بطريقة وصلت لحد الإستظراف! كان فيه أكتر من موضع كانت تقدر غادة تتكلم فيهم بجدية أكتر و تستغلهم علشان توصل الفكرة بصورة أفضل، لكنها فضلت الإستمرار في محاولة إضحاكنا. يعني مثلًا لما كتبت عن ليه هي عاوزة تتجوز، و عن المساواة بين الراجل و الست في مصر، إستنيتها تقدم حاجة ليها معنى أكتر من إللي هي كتبته، بس هي ماتوفقتش في ده.
يعني، في الآخر بتظل التجربة فريدة و ناجحة و بتوريلنا قد إيه ممكن يبقى تأثيرنا أكبر باستخدام الـ ‘Social Media’ و قد إيه ممكن شكل حياتنا و مضمونها يتغير زي ما إحنا عايزين. لإنه كل واحد فينا في بلوج أو تويت أو غيرها من الوسائل يعرف يوصل للناس لو فكرته تستاهل و يعرف يقوي فكرته دي و يوصلها لمرحلة التنفيذ. هانقدر نصلح حاجة زي قطاع الخدمات السيء جدًا في مصر بإننا نكتب و نصور و نقول ليه الخدمة سيئة و إزاي تبقى أحسن. و هانقدر نسمع و نقرا للأصوات الحرة في كل مكان في العالم و إللي ماقدرتش توصل لنا بوسائل الإعلام العادية لإنها محكومة بنظم قمعية. و مين عارف، يمكن في يوم من الأيام لما جيلنا ده يدوق طعم الديموقراطية و يقتنع بإمكانية تطبيقها بإيدينا، يقوم يسعى لتطبيقها في كل المجالات، من إنتخابات الرئاسة، لحقوق المستهلك، و قبلهم و بعدهم.. حقوق الإنسان.